فصل: تفسير الآيات (257- 258):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآيات (257- 258):

{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)}
257- الله متولى شئون المؤمنين وناصرهم، يخرجهم من ظلمات الشك والحيرة إلى نور الحق والاطمئنان، والكافرون بالله تستولى عليهم الشياطين ودعاة الشر والضلال، فهم يخرجونهم من نور الإيمان الذي فطروا عليه والذى وضح بالأدلة والآيات إلى ظلمات الكفر والفساد، هؤلاء الكافرون هم أهل النار مخلدون فيها.
258- ألم تر إلى من عمى عن أدلة الإيمان وجادل إبراهيم خليل الله في ألوهية ربه ووحدانيته، وكيف أخرجه غروره بملكه- الذي وهبه ربه- من نور الفطرة إلى ظلام الكفر فعندما قال له إبراهيم: إن الله يحيى ويميت، بنفخ الروح في الجسم وإخراجها منه، قال: أنا أحيى وأميت بالعفو والقتل، فقال إبراهيم ليقطع مجادلته: إن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب إن كنت إلها كما تدعى. فتحير وانقطع جدله من قوة الحُجة التي كشفت عجزه وغروره، والله لا يوفق المصرِّين المعاندين لاتباع الحق.

.تفسير الآيات (259- 260):

{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260)}
259- ثم تَدَبَّرْ في مثل هذه القصة العجيبة، قصة الذي مرَّ على قرية متهدمة سقطت سقوفها وهدمت حيطانها وهلك أهلها، فقال: كيف يحيى الله أهل هذه القرية بعد موتهم؟ فأماته الله وأبقاه على موته مائة عام ثم بعثه ليظهر له سهولة البعث ويزول استبعاده، ثم سئل أي مدة مكثتها ميتاً؟ قال- غير شاعر بطول المدة-: يوماً أو بعض يوم، قيل له بل مكثت على هذه الحالة مائة عام، ثم لفت الله نظره إلى أمر آخر من دلائل قدرته فقال له: فانظر إلى طعامك لم يفسد، وإلى شرابك لم يتغير، وانظر إلى حمارك أيضاً، وقد فعلنا ذلك لتعاين ما استبعدته من إحياء بعد الموت ولنجعلك آية ناطقة للناس تدل على صدق البعث، ثم أمره الله أن ينظر إلى عجيب خلقه للأحياء، وكيف يركِّب عظامها، ثم يكسوها لحما، ثم ينفخ فيها الروح فتتحرك، فلما وضحت له قدرته وسهولة البعث، قال: أعلم أن الله قادر على كل شيء.
260- واذكر كذلك قصة إبراهيم إذ قال إبراهيم: رب أرنى كيفية إحياء الموتى، فسأله ربه عن إيمانه بإحياء الموتى ليجيب إبراهيم بما يزيل كل الشك في إيمانه، فقال الله له: أو لم تؤمن بإحياء الموتى؟ قال: إني آمنت ولكنى طلبت ذلك ليزداد اطمئنان قلبى. قال: فخذ أربعة من الطير الحى فضمها إليك لتعرفهنَّ جيداً، ثم جَزِّئهن بعد ذبحهن، واجعل على كل جبل من الجبال المجاورة جزءا منهن، ثم نادهنَّ فسيأتينك ساعيات وفيهنَّ الحياة كما هى، واعلم أن الله لا يعجز عن شيء، وهو ذو حكمة بالغة في كل أمر.

.تفسير الآيات (261- 264):

{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264)}
261- إن حال الذين يبذلون أموالهم في طاعة الله ووجوه الخير، وينالون على ذلك ثواب الله المضاعف أضعافاً كثيرة، كحال من يبذر حبة في الأرض طيبة فتنبت منها شجيرة فيها سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، وهذا تصوير لكثرة ما يعطيه الله من جزاء على الإنفاق في الدنيا، والله يضاعف عطاءه لمن يشاء فهو واسع الفضل، عليم بمن يستحق وبمن لا يستحق.
262- إن الذين ينفقون أموالهم في وجوه البر المشروعة دون مَنٍّ أو تفاخر أو تطاول على المحسن إليه. لهم أجرهم العظيم الموعود به عند ربهم، ولا يصيبهم خوف من شيء ولا حزن على شيء.
263- قول تطيب به النفوس وتستر معه حال الفقير فلا تذكره لغيره، خير من عطاء يتبعه إيذاء بالقول أو الفعل، والله- سبحانه وتعالى- غنى عن كل عطاء مصحوب بالأذى، ويمكِّن الفقراء من الرزق الطيب، ولا يعجل بعقوبته من لا يعطى رجاء أن يهتدى إلى العطاء.
264- لا تضيعوا ثواب صدقاتكم- أيها المؤمنون- بإظهار فضلكم على المحتاجين وإيذائهم فتكونوا كالذين ينفقون أموالهم بدافع الرغبة في الشهرة وحب الثناء من الناس، وهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، فإن حال المرائى في نفقته كحال حجر أملس عليه تراب، هطل عليه مطر شديد فأزال ما عليه من تراب.. فكما أن المطر الغزير يزيل التراب الخصب المنتج من الحجر الأملس، فكذلك المن والأذى والرياء تبطل ثواب الصدقات.. فلا ينتفع المنتفعون بشئ منها، وتلك صفات الكفار فتجنبوها، لأن الله لا يوفق الكافرين إلى الخير والإرشاد.

.تفسير الآيات (265- 267):

{وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265) أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)}
265- حال الذين ينفقون أموالهم طلباً لمرضاة الله وتثبيتاً لأنفسهم على الإيمان، كحال صاحب بستان بأرض خصبة مرتفعة يفيده كثير الماء وقليله، فإن أصابه مطر غزير أثمر مثلين، وإن لم يصبه المطر الكثير بل القليل فإنه يكفى لإثماره لجودة الأرض وطيبها، فهو مثمر في الحالتين، فالمؤمنون المخلصون لا تبور أعمالهم، والله لا يخفى عليه شيء من أعمالكم.
266- إنه لا يحب أحد منكم أن يكون له بستان من نخيل وأعناب تجرى خلالها الأنهار وقد أثمر له البستان من كل الثمرات التي يريدها، وأصابه ضعف الكبر وله ذرية ضعاف لا يقدرون على الكسب ولا يستطيع هو لكبره شيئاً، وجفَّ بستانه في هذه الحال العاجزة بسبب ريح شديدة فيها نار فأحرقته، وصاحبه وذريته أحوج ما يكونون إليه، وكذلك شأن من ينفق ويتصدق ثم يعقب النفقة والصدقة بالمن والأذى والرياء فيبطل بذلك ثواب نفقته ولا يستطيع أن يتصدق من بعد ذلك طيبة نفسه، ومثل هذا البيان يبين الله لكم الآيات لتتفكروا فيها وتعملوا بها.
267- يا أيها المؤمنون أنفقوا من جيِّد ما تحصلونه بعملكم، ومما يتيسر لكم إخراجه من الأرض من زروع ومعادن وغيرها، ولا تتعمدوا الإنفاق من ردئ المال وخبيثه أنكم لن تقبلوا هذا الخبيث لو قُدِّمَ إليكم إلا على إغماض وتساهل صارفين النظر عما فيه من خبث ورداءة، واعلموا أن الله غنى عن صدقاتكم، مستحق للحمد بما أرشدكم إليه من خير وصلاح.

.تفسير الآيات (268- 272):

{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (270) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)}
268- الشيطان يخوفكم من الفقر ويثبطكم عن كل عمل صالح لتنصرفوا عن الإنفاق في وجوه الخير ويغريكم بالمعاصى، والله واسع المغفرة قادر على إغنائكم، لا يخفى عليه شيء من أموركم.
269- يعطى صفة الحكمة من إصابة الحق في القول والعمل من يشاء من عباده، ومن أُعْطِىَ ذلك فقد نال خيراً كثيراً لان به انتظام أمر الدنيا والآخرة، وما ينتفع بالعظة والاعتبار بأعمال القرآن إلا ذوو العقول السليمة التي تدرك الحقائق من غير طغيان الأهواء الفاسدة.
270- وما أنفقتم من نفقة في الخير أو الشر، أو التزمتم بنفقة في طاعة فإن الله يعلمه وسيجزيكم عليه، وليس للظالمين الذين ينفقون رياء أو يؤذون في نفقتهم أو ينفقون في المعاصى أعوان يدفعون عنهم عذاب الله في الآخرة.
271- إن تظهروا صدقاتكم خالية من الرياء فذلك محمود لكم مرضى منكم، ممدوح من ربكم، وإن تعطوها الفقراء سراً منعاً لحرجهم وخشية الرياء فذلك خير لكم، والله يغفر لكم من ذنوبكم بسبب إخلاصكم في صدقاتكم، والله يعلم ما تسرون وما تعلنون ويعلم نياتكم في إعلانكم وإخفائكم.
272- ليس عليك- يا محمد- هداية هؤلاء الضالين أو حملهم على الخير، وإنما عليك البلاغ، والله يهدى من يشاء، وما تبذلونه من معونة لغيركم ففائدته عائدة عليكم، والله مثيبكم عليه، وهذا إذا كنتم لا تقصدون بالإنفاق إلا رضاء الله، وأى خير تنفقونه على هذا الوجه يعود إليكم، ويصلكم ثوابه كاملا دون أن ينالكم ظلم.

.تفسير الآيات (273- 274):

{لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)}
273- وذلك الإنفاق والبذل يكون للفقراء الذين كانوا بسبب الجهاد في سبيل الله غير قادرين على الكسب، أو لأنهم أصيبوا في الجهاد بما أقعدهم عن السعى في الأرض، وهم متعففون عن السؤال يحسبهم الجاهل بحالهم أغنياء، ولكنك إذا تعرفت حالهم عرفت هذه الحالة بعلامتها. وما تبذلونه من معروف فإن الله عليم به، سيجزيكم عليه الجزاء الأوفى.
274- الذين من طبعهم السخاء تطيب نفوسهم للإنفاق في الليل والنهار وفى العلانية والسر، لهم جزاؤهم عند ربهم، لا ينالهم خوف من أمر مستقبلهم، ولا حزن على شيء فاتهم.

.تفسير الآيات (275- 276):

{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)}
275- الذين يتعاملون بالربا لا يكونون في سعيهم وتصرفهم وسائر أحوالهم إلا في اضطراب وخلل، كالذى أفسد الشيطان عقله فصار يتعثر من الجنون الذي أصابه، لأنهم يزعمون أن البيع مثل الربا في أن كلا منهما فيه معاوضة وكسب. فيجب أن يكون كلاهما حلالا، وقد رد الله عليهم زعمهم فبين لهم أن التحليل والتحريم ليس من شأنهم، وأن التماثل الذي زعموه ليس صادقاً، والله قد أحل البيع وحرم الربا، فمن جاءه أمر ربه بتحريم الربا واهتدى به، فله ما أخذه من الربا قبل تحريمه، وأمره موكول إلى عفو الله. ومن عاد إلى التعامل بالربا باستحلاله بعد تحريمه، فأولئك يلازمون النار خالدين فيها.
276- إن الله يُذهب الزيادة المأخوذة من الربا، ويبارك في المال الذي تؤخذ منه الصدقات، ويثيب عليها أضعافاً مضاعفة. والله لا يحب الذين يصرون على تحليل المحرمات كالربا، ولا الذين يستمرون على ارتكابها.

.تفسير الآيات (277- 281):

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)}
277- إن الذين آمنوا بالله، وامتثلوا أوامره فعملوا الصالحات التي أمر بها، وتركوا المحرمات التي نهى عنها، وأدوا الصلاة على الوجه الأكمل، وأعطوا الزكاة لأهلها، لهم ثوابهم العظيم المدخر عند ربهم، ولا خوف عليهم من شيء في المستقبل، ولا هم يحزنون على شيء فاتهم.
278- يا أيها الذين آمنوا خافوا الله واستشعروا هيبته في قلوبكم، واتركوا طلب ما بقى لكم من الربا في ذمة الناس إن كنتم مؤمنين حقاً.
279- فإن لم تفعلوا ما أمركم الله به من ترك الربا فكونوا على يقين من أنكم في حرب من الله ورسوله لمعاندتكم لأمره، فإن أردتم توبة مقبولة فلكم رءوس أموالكم فلا تأخذوا زيادة عليها قلَّت أو كثرت وأيا كان سبب الدين ومصرفه، لأن الزيادة التي تأخذونها ظلم لغيركم، كما أن ترك جزء من رءوس الأموال ظلم لكم.
280- وإن وُجد ذو عسرة فأعطوه وأمهلوه عند انقضاء أجل الدين إلى وقت ميسرته، وتصدقكم عليه بالتنازل عن الدين أو بعضه خير لكم إن كنتم من أهل العلم والفهم لخطاب الله الذي يعلمكم المروءة والإنسانية.
281- وخافوا أهوال يوم تعودون فيه إلى الله، ثم تستوفى كل نفس جزاء ما عملت من خير أو شر.